shababik magazine

حوار: عبدالرحمن رمضان – جودي شريف

في ظل التحولات السريعة التي تشهدها المجتمعات العربية، يواجه الباحثون في علم الاجتماع تحديات معقدة تعيق قدرتهم على تقديم تحليلات موضوعية وعميقة للظواهر الاجتماعية والسياسية. الدكتورة سامية قدري، الباحثة المتخصصة في علم الاجتماع، تناقش في هذا الحوار أبرز الصعوبات التي تعترض طريق الباحثين الاجتماعيين، ومدى تأثير المتغيرات السياسية والاقتصادية على الدراسات الاجتماعية. كما تسلط الضوء على ضرورة تجديد المناهج الأكاديمية لمواكبة التحولات الحديثة، ودور علم الاجتماع في تحليل قضايا مثل العنف المجتمعي والفقر والهجرة، بالإضافة إلى مسؤولية الباحثين في معالجة القضايا الحساسة كحقوق المرأة والأقليات.

 ما هي أبرز التحديات التي تواجه الباحثين في مجال علم الاجتماع في المنطقة العربية؟

أعتقد أن من أبرز التحديات التي تواجه الباحثين هي تعقيد المشهد العام، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، ما يجعل من الصعب تحليل هذه الأوضاع بموضوعية، خاصة في ظل حالة الضبابية والفوضى التي تعيشها المنطقة العربية. قلة من الباحثين يمتلكون القدرة على قراءة السياق العربي الحالي بشكل واعٍ ومنهجي، حيث إن التحليل الاجتماعي السليم يتطلب أدوات بحثية قوية ورؤية تحليلية دقيقة.

كيف تؤثر المتغيرات الاجتماعية والسياسية في مجتمعاتنا على دراسات علم الاجتماع؟ وهل هناك حاجة إلى تجديد المناهج الأكاديمية لمواكبة هذه التغيرات؟

بالطبع، التغيرات التي تشهدها المنطقة العربية تمثل مجالًا خصبًا للباحثين لإجراء دراسات واقعية وميدانية تعتمد على الملاحظة والتحليل العلمي، حتى باستخدام الأدوات البحثية التقليدية. علم الاجتماع، الذي يُعرف بأنه “علم الأزمات”، نشأ في سياق أزمة المجتمع الغربي بهدف إعادة النظام والاستقرار، وهذا ما يجعل دوره حيويًا اليوم في المجتمعات العربية. في ظل الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، يصبح علم الاجتماع أداة مهمة لتقديم توصيات وحلول عملية، من خلال دراسات دقيقة تساعد صناع القرار في تجاوز التحديات. مثال على ذلك الأزمة الاقتصادية الكبرى في الثلاثينيات بالولايات المتحدة، حيث لعبت دراسات علماء الاجتماع دورًا أساسيًا في الخروج من الأزمة وتعزيز قوة الرأسمالية.

كيف يمكن لعلم الاجتماع أن يسهم في تحليل ظواهر مثل العنف المجتمعي والفقر والهجرة؟

يمتلك علم الاجتماع العديد من المناهج التي تساعد في دراسة هذه الظواهر، ورغم التطورات الحديثة في المناهج الغربية، لا تزال المناهج الكلاسيكية قادرة على تقديم رؤى تحليلية عميقة. المشكلة الأساسية تكمن في كيفية توظيف هذه الأدوات البحثية بفعالية، حيث يعتمد الكثير من الباحثين على استمارات الاستبيان التي تفتقر إلى العمق والدقة، رغم أنها تقدم مؤشرات عن الواقع الاجتماعي. لكي نصل إلى فهم أكثر تعمقًا، نحتاج إلى توظيف المناهج التفسيرية التي تتيح لنا رؤية أوضح لهذا الواقع المعقد. كما أن الفلسفة تلعب دورًا مهمًا في مساعدة الباحثين على التأمل والتحليل النقدي، إلى جانب منهج التأويل الذي يساهم في تقديم تصورات قائمة على فهم دقيق لنظريات علم الاجتماع.

ما دور الباحث الاجتماعي في التعامل مع القضايا الاجتماعية الحساسة مثل حقوق المرأة والأقليات؟

القضايا الاجتماعية مثل العنف المجتمعي، التمييز ضد المرأة، وحقوق الأقليات، تعد من الموضوعات التي شغلت الباحثين وأنتجت كمًا هائلًا من الدراسات والتوصيات. ولكن المشكلة تكمن في أن صناع القرار والمؤسسات المسؤولة عن السياسات الاجتماعية لا تأخذ بهذه الدراسات بالجدية المطلوبة، مما يعطل إمكانية الاستفادة منها في وضع حلول ناجعة. لذلك، من الضروري أن يكون هناك تفاعل حقيقي بين الباحثين وصناع القرار، بحيث يتم الاستفادة من مخرجات الدراسات العلمية في رسم سياسات فعالة تحقق التغيير المطلوب في المجتمعات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

احدث المواضيع : قلة من الباحثين يمتلكون القدرة على قراءة المجتمع   رحلة الموضة من «الشارلستون» إلى «الباجي والستريت ستايل»   مبادرة «مودة».. دورات تدريبية لتأهيل الشباب المقبلين على الزواج   كل الطرق لا تؤدي إلى روما.. “شبابيك” تكشف أحدث طرق الهجرة غير الشرعية   أنهار الدم.. أحمد مجدي يكشف الحقائق الغائبة عن جحيم الثأر   الدارك ويب.. خفايا القاع المظلم للشبكة العنكبوتية   حكايات الرحيل والعودة.. مشوار العمر بين بساطة القرية وضجيج الغربة