shababik magazine

كتب: عبدالرحمن رمضان – فهد كريم

في حي بسيط، حيث تتشابه الأسطح بألوانها الرمادية وروتينية مظهرها، يبرز سطح منزل علي عبدالعال كلوحة فنية نابضة بالحياة. هنا، بين أواني الزراعة والتربة الخصبة، تكمن قصة رجل قرر أن يزرع الجمال من العدم. حيث تنتج مزرعته البسيطة أنواعا مختلفة من الفاكهة والخضراوات، وتعد زراعة الأسطح تقنية زراعية حضرية تستغل المساحات غير المستغلة في أسطح المباني لزراعة النباتات، فهي وسيلة فعّالة لتحسين الأمن الغذائي، وتقليل التلوث، وتوفير دخل إضافي للأسر.. وفي السطور التالية نستعرض معا أهمية هذا المجال من خلال تجربة المزارع علي عبدالعال وإليكم التفاصيل.

في البداية، تتمثل أهمية زراعة الأسطح في تحسين جودة الهواء حيث أن النباتات تعمل على امتصاص ثاني أكسيد الكربون وإنتاج الأكسجين، وتقليل درجات الحرارة من خلال الأسطح المزروعة التي تقلل من امتصاص الحرارة داخل المباني. ودعم الإنتاج الغذائي المحلي، حيث تتيح زراعة الأسطح إمكانية إنتاج الخضروات، والفواكه، والطماطم، والخيار، والفراولة، والنعناع، وبالتالي توفر على الأسر شراء هذه المستلزمات الغذائية من الأسواق، وأخيرا توفير وإتاحة فرص عمل وإنشاء مشروعات صغيرة يمكن للشباب والنساء إدارتها من المنازل.

وتتمثل الخضراوات والفاكهة المناسبة لزراعة الأسطح في الطماطم، والفلفل، والخيار، والخس، والجرجير، والبصل الأخضر، والسبانخ، أما الفاكهة، فتتمثل في الفراولة، والتوت، وشجيرات ليمون (أصناف صغيرة الحجم).

وتتمثل متطلبات الزراعة على الأسطح، فيما يلي: 

1. أحواض الزراعة: يمكن استخدام صناديق بلاستيكية، أو براميل، أو وحدات زراعة رأسية.

2. تربة خفيفة: خليط من الطمي والرمل أو تربة زراعية مع سماد عضوي.

3. نظام ري: يدوي أو بالتنقيط.

4. تصريف جيد للمياه: تجنب تسرب المياه إلى سطح المبنى.

5. إضاءة كافية: التعرض لأشعة الشمس المباشرة لفترة لا تقل عن 4–6 ساعات يومياً

ومن الأمثلة الناجحة لهذا المشروع في مصر، مشروع زراعة الأسطح التابع لمركز بحوث الصحراء، ومبادرات أهلية في أحياء القاهرة والجيزة مثل المعادي، مدينة نصر، و6 أكتوبر. ويتطلب نجاح المشروع نشر الوعي من خلال حملات إعلامية ومبادرات تعليمية، والدعم الحكومي بتقديم قروض صغيرة أو منح لمشروعات زراعة الأسطح. وإدماج زراعة الأسطح في استراتيجيات التنمية المستدامة.

شغف الهواية

يقول المزارع علي عبدالعال “بدأت المشروع كهواية بسيطة لتزيين السطح، لكنها سرعان ما أصبحت شغفًا على السطح الصغير، حيث تجتمع أشجار الجوافة والليمون والمانجو، إلى جانب نباتات مثل التين الشوكي والطماطم المعلقة التي تروي قصتها الفريدة، فهي حيلة ذكية للحصول على محصول أغزر”.

ويشير علي إلى صفوف من الطماطم التي تتدلى من الحبال، قائلًا: “الطماطم المعلقة تُعطي محصولًا أكبر لأنها لا تمس الأرض. إذا تركتها تسقط، تضعف وتموت”. هذه الفكرة البسيطة هي واحدة من أسراره في جعل الزراعة أكثر إنتاجية.

ويذكر علي أنه زرع كل شيء واستفاد من كل شيء، مضيفاً “الجوافة زرعتها السنة الماضية، وكانت ستطرح لولا أنني عطشتها قليلًا. لكنني واثق أن السنة القادمة ستكون أفضل، أما الليمون فقد طرح بالفعل، وهناك ثمار صغيرة تنمو الآن. والتين الشوكي، الذي يكاد لا يحتاج إلى ماء، هو من النباتات المفضلة لدي، وكلما سقيته أكثر، قد يموت. الأفضل أن تتركه على طبيعته”.

الخضروات الورقية والتجربة العملية

وعن الخضروات الورقية، يقول علي: “الجرجير مثل السحر. أول ما تزرعه، يبدأ بالنمو في اليوم التالي. ولا يحتاج لأي شيء معقد، فقط سماد بسيط من الماشية”.

ويؤكد علي عبدالعال أن لديه حلول بسيطة وفعّالة لأي عقبة قد تواجهه. بالنسبة للري، يزرع نباتات صغيرة لا تحتاج إلى ماء كثير. وفي الشتاء، يغطي الزرع لحمايته من البرد. أما في الصيف، فيتركه ليستفيد من حرارة الشمس.

ولم يكتفِ بما زرعه حتى الآن. وإنما يخطط لتجربة زراعة العنب، الذي يقول إنه “قد يستغرق وقتًا، لكن النتيجة تستحق الانتظار”.

نموذج للنظام والنظافة

عندما تصعد إلى سطح منزل علي، لا ترى فقط نباتات مزروعة، بل تشعر وكأنك تدخل إلى مكان يعكس شخصية صاحبه. كل شيء منظم، والأرضية نظيفة، حيث يقول: “النظافة جزء من الزراعة. إذا لم يكن المكان نظيفًا، لن تنجح النباتات”.

ويختم علي حديثه بنصيحة بسيطة لكنها عميقة: “لا تدع قلة الخبرة تمنعك من الزراعة. الأمر أسهل مما تتصور. ابدأ بما لديك، وستندهش من النتائج”.

علي ليس مجرد مزارع هاوٍ، بل هو مصدر إلهام لكل من يفكر في استخدام مساحته الصغيرة لإحداث تغيير كبير. إنه يرسل رسالة واضحة: “الزراعة ليست معقدة. يمكنك البدء بشيء صغير، ومع الوقت ستتعلم وتبتكر”.

تجربة علي عبدالعال ليست مجرد قصة عن زراعة فوق السطح، بل هي دعوة لكل شخص يمتلك مساحة صغيرة أن يحولها إلى مساحة مليئة بالحياة. سطح منزله ليس فقط مكانًا للزرع، بل مصدر للإلهام. فهل تُفكر أنت أيضًا في أن تبدأ مشروعك الخاص؟

حجم الإنتاجية

تشير التقديرات إلى أن حجم إنتاجية المحاصيل على الأسطح تُقدر بـ2 طن من الخضروات والفاكهة من كل ألف كيس، ومع استخدم مساحة 200 متر من سطح المنزل يمكن إنتاج ما بين 70 إلى 80 كيلوغراما من الخضراوات في كل حصاد حسب المحصول، وذلك بفضل التخطيط للتوسع في زراعة الفواكه عبر زراعة أشجار لا يزيد حجمها عن متر ونصف المتر.

ويحمل متر الخرسانة المسلحة من 200 كيلو إلى 250 كيلوجراماً في حين وزن النبات المزروع لا يتجاوز 50 كيلوجراماً لكل متر، وهو وزن يقل كثيراً عن الاستخدام التقليدي للأسطح، خاصة وأن الكثير من الأسر تضع الأجهزة الكهربائية ثقيلة الوزن فوق الأسطح، لكن استخدامها للزراعة هو أقل وزنا وأكثر أمانا.

بوكس

مواعيد زراعة الخضروات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

احدث المواضيع : قلة من الباحثين يمتلكون القدرة على قراءة المجتمع   رحلة الموضة من «الشارلستون» إلى «الباجي والستريت ستايل»   مبادرة «مودة».. دورات تدريبية لتأهيل الشباب المقبلين على الزواج   كل الطرق لا تؤدي إلى روما.. “شبابيك” تكشف أحدث طرق الهجرة غير الشرعية   أنهار الدم.. أحمد مجدي يكشف الحقائق الغائبة عن جحيم الثأر   الدارك ويب.. خفايا القاع المظلم للشبكة العنكبوتية   حكايات الرحيل والعودة.. مشوار العمر بين بساطة القرية وضجيج الغربة