
حوار: فهد كريم – فرح شوقي
في عالمٍ أصبحت فيه شبكة الإنترنت نافذتنا إلى المعرفة والتواصل والعمل، يختبئ وجه مظلم لا يعرفه كثيرون، يسمى بـ”الدارك ويب” أو “الويب المظلم”. هناك في هذه الشبكة الخفية، تتوارى الأسواق السوداء، والجرائم الإلكترونية، والصفقات المحرّمة خلف ستار من التشفير والسرية المحكمة. فكيف يعمل هذا العالم الخفي؟ ولماذا يُعد تهديدًا حقيقيًا لأمن الأفراد والمجتمعات؟ ولماذا يتجه الكثير من الشباب للمغامرة في هذا الجانب المظلم الذي لا يخلو من المخاطر.. في هذا الحوار، نكشف الجوانب المقلقة من الدارك ويب، ونناقش مخاطره مع خبير أمن المعلومات، المهندس محمود فرج.. وإليكم التفاصيل..
بدايةً، ما هو الدارك ويب تحديدًا؟
الدارك ويب هو جزء من الإنترنت لا يمكن الوصول إليه من خلال محركات البحث التقليدية مثل Google أو Bing، بل يتطلب برامج خاصة مثل “Tor” تتيح الدخول إليه بشكل مجهول. يتميز بطبيعته السرية، ويُستخدم أحيانًا لأغراض مشروعة، ولكن الغالب عليه هو الاستخدام غير القانوني أو الإجرامي.
ما نوع الأنشطة التي تجري داخل الدارك ويب؟
هناك أنشطة غير قانونية واسعة، أبرزها تجارة الأسلحة والمخدرات، تهريب البيانات، بيع معلومات البطاقات البنكية، الهويات المسروقة، وحتى التوظيف في مهام قرصنة إلكترونية. كما تنتشر فيه مواقع تقدم محتوى إجرامي مثل استئجار القراصنة أو القتلة المأجورين، ولعل أبرز مثال على ذلك القاتل المتسلسل الذي قتل 4 فتيات وكان يعذبهم قبل أن يغتصبهم ويعرض ذلك على الدارك ويب.
كيف يمكن أن يشكل الدارك ويب خطرًا على الأفراد؟
الخطر يبدأ بمجرد تصفح الدارك ويب دون دراية كافية، فالمستخدم قد يتعرض للاختراق أو تسريب بياناته. كذلك، يمكن أن يقع ضحية احتيال، أو تُستغل معلوماتك الشخصية إذا وصلت إلى الأيدي الخطأ. هناك حالات كثيرة لأشخاص سُرقت هوياتهم أو تم ابتزازهم بعد زيارة مواقع معينة في الدارك ويب.
وماذا عن خطورته بالنسبة للمؤسسات والدول؟
الدارك ويب يمثل بيئة خصبة للهجمات السيبرانية التي تستهدف الشركات الكبرى، البنوك، وحتى الحكومات. القراصنة يستخدمونه لبيع بيانات مسروقة، أو لتخطيط هجمات واسعة النطاق مثل برامج الفدية. هذه الهجمات تكلّف الدول والمجتمعات مليارات الدولارات سنويًا.
هل من الممكن السيطرة على هذا الفضاء؟
السيطرة الكاملة شبه مستحيلة نظرًا لطبيعته اللامركزية والمشفّرة. لكن هناك جهود دولية مشتركة لتفكيك شبكاته، وملاحقة المجرمين الرقميين من خلال تتبع المعاملات المالية أو استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل السلوك على الإنترنت.
ما الذي تنصح به مستخدمي الإنترنت لتجنّب مخاطر الدارك ويب؟
أولًا، عدم محاولة الدخول إلى الدارك ويب بدافع الفضول، خاصة دون معرفة كافية. ثانيًا، الحفاظ على تحديث الأنظمة والبرامج الأمنية، وتجنّب مشاركة أي معلومات شخصية في أي مكان مشبوه. التوعية الرقمية اليوم ليست رفاهية، بل ضرورة لحماية النفس والمجتمع.
ما مخاطر دخول الشباب إلى شبكة الدارك ويب؟
مخاطرها على الشباب أنهم يقابلون داخل الشبكة الهاكرز والمافيا وتجار الأعضاء وهكذا.
والهاكرز أحيانًا يخترقون الشباب لأنه لا يمكن لأحد الوصول إليهم، لأن الدارك ويب شبكة مخفية.
وكذلك يمكن توظيفهم في عمليات إجرامية كشباب عن طريق المكاسب. ومن بين المخاطر، أن بعض الأشخاص طُلب منهم ارتكاب جريمة كاملة، كانت جريمة قتل، حيث تم استدراج أحد الضحايا وقتله واستخراج أعضائه مقابل مبلغ كبير، وتم القبض على الشخص واعترف بكل شيء.
وفي حالة أخرى من المخاطر، قام أحد الشباب بنشر معلومات عن التأمينات الاجتماعية ووزارة الاتصالات على الدارك ويب، ولم يقم بعملية اختراق، بل سرّب بيانات كانت مُسرّبة من قبل وأعاد تشكيلها بشكل مختلف، وحاول ابتزاز الجهات الحكومية، لكن تم القبض عليه.
هل توجد طرق توعية فعّالة للشباب بخصوص مخاطر الدارك ويب؟
الوعي التكنولوجي أمر أساسي في الوقت الحالي، لأن الشباب إذا تم استدراجهم إلى الدارك ويب أو تمت السيطرة على عقولهم من قِبَل الهاكرز أو المافيا، فالأمور ستصبح خطيرة. تفكيرهم سيصبح ماديًا، وسينفذون أي طلب مقابل المال. وقد يتم اختراقهم والحصول على بياناتهم وابتزازهم بها، فيضطرون لتنفيذ الطلبات طالما دخلوا إلى الدارك ويب.
في رأيك، ما أهم شيء يجب أن يعرفه أي شاب قبل أن يفكر في دخول الدارك ويب؟
من أهم الأمور أن من يدخل إلى الدارك ويب من السهل جدًا أن يتم اختراقه، وهو لا يعرف من الشخصية التي أمامه، ولا الموقع الإلكتروني المُستخدم. والدارك ويب ليس جزءًا أساسيًا من حياة الشباب، لأنه غير معروف بشكل كبير، يسمعون عنه أو يدخل بعض الأشخاص للتجربة فقط.
هل يوجد وجه إيجابي لاستخدام الدارك ويب، أم أنه خطر بالكامل؟
بالتأكيد له وجه إيجابي، فكل هذه المشكلات تمثل حوالي 10% فقط من الإنترنت الحقيقي، وهناك أشياء تعليمية ومكتبات على الدارك ويب. لكن المشكلة تكمن في الاستخدامات السلبية.