shababik magazine

إعداد: فرح شوقي – جودي شريف

في زمن الثورة الرقمية، لم تعد الصحف الورقية ولا البرامج التلفزيونية المصدر الأوحد للتأثير في الرأي العام. اليوم، يظهر جيل جديد من “قادة الرأي” يفرضون حضورهم عبر شاشات الهواتف الذكية، إنهم “الأنفلونسرز” أو المؤثرون. فبضغطة زر، وبمنشور قصير أو فيديو لا يتجاوز الدقائق، يستطيع أحدهم أن يحرّك موجة من الآراء، ويعيد تشكيل مواقف آلاف وربما ملايين المتابعين، معظمهم من فئة الشباب.

من هم المؤثرون؟

المؤثر هو شخص يملك حضورًا رقميًا لافتًا على منصات التواصل الاجتماعي، ويتمتع بعدد كبير من المتابعين الذين يتفاعلون مع محتواه بشكل دائم. قد يكون المؤثر مختصًا في مجال معين كالموضة، الرياضة، التقنية، أو حتى الكوميديا، وقد لا يمتلك خلفية أكاديمية أو مهنية، إلا أن تأثيره لا يُستهان به.

لماذا يتأثر الشباب بالمؤثرين؟

تشير الدراسات إلى أن جيل الشباب يتجه أكثر من غيره نحو استهلاك المحتوى الرقمي على حساب المصادر التقليدية. هناك عدة عوامل تفسر ذلك التأثر، أبرزها:

1. القرب العمري والنفسي: معظم المؤثرين ينتمون إلى نفس الفئة العمرية أو يخاطبونها بلغتها، ما يخلق نوعًا من “الصداقة الرقمية”.

2. السهولة والسرعة: المحتوى المُقدَّم بسيط وسريع، يراعي نمط الحياة السريع للشباب، ويصل إليهم مباشرة دون وسائط.

3. التمثيل الثقافي والاجتماعي: يرى كثير من الشباب في المؤثرين صورةً لأنفسهم، فهم يعكسون اهتماماتهم، ويتحدثون عن قضاياهم، ويظهرون في مشاهد مألوفة وغير مصطنعة.

أنواع التأثيرات التي يُحدثها الأنفلونسرز

تتنوع التأثيرات التي يخلّفها هؤلاء على الشباب، ويمكن تقسيمها إلى ثلاثة محاور رئيسة:

1. الأفكار والقيم:

بعض المؤثرين يسهمون في ترسيخ قيم إيجابية مثل العمل الحر، تطوير الذات، والوعي بالصحة النفسية. بالمقابل، هناك من يروّج لقيم سطحية كالهوس بالمظاهر، المادية المفرطة، أو حتى التطبيع مع سلوكيات ضارة كالتنمر الإلكتروني أو الاستعراض المبالغ فيه.

2. الذوق الاستهلاكي:

لا يمكن إنكار دور المؤثرين في تشكيل الذوق العام للشباب، خصوصًا في ما يتعلق بالأزياء، الطعام، السياحة، والتقنيات. إذ يتحول المؤثر إلى “ماركة بشرية” تروّج للمنتجات بأسلوب ناعم، يجعل من الصعب التمييز بين التوصية العفوية والإعلان المدفوع.

3. الاتجاهات السياسية والاجتماعية:

برز هذا الدور بشكل لافت في الحركات الاحتجاجية أو الحملات التضامنية، حيث تحوّل بعض المؤثرين إلى منصات للضغط السياسي أو المجتمعي، لكن دون أن يمتلكوا بالضرورة وعيًا سياسيًا عميقًا، مما يجعل تأثيرهم سلاحًا ذا حدين.

الجانب المظلم للتأثير

رغم الجوانب الإيجابية، إلا أن لهذا التأثير وجهًا سلبيًا يثير قلق التربويين والمختصين، منها:

1.نشر المعايير الزائفة للجمال والنجاح: حيث يُروّج لصورة مثالية بعيدة عن الواقع، تؤدي إلى إحباط البعض وتقليل ثقتهم بأنفسهم.

2.التأثير على الصحة النفسية: مقارنة الذات الدائمة بالمؤثرين قد تؤدي إلى القلق والاكتئاب، خاصة لدى من يفتقر إلى الدعم الأسري أو النضج الكافي.

3.نشر المعلومات المضلّلة: مع غياب الرقابة، قد ينقل بعض المؤثرين معلومات خاطئة في مجالات حساسة مثل الطب أو السياسة أو الدين.

كيف يمكن توجيه هذا التأثير؟

السؤال الملح اليوم ليس كيف نوقف التأثير، بل كيف نستثمره ونرشّده، خاصة في ظل صعوبة حصر دور المؤثرين أو الحد من وصولهم. وهنا تبرز بعض الحلول:

1. نشر ثقافة الوعي الرقمي: من خلال برامج تعليمية ومبادرات توعوية تساعد الشباب على التفكير النقدي وتمييز المحتوى الجيد من السيئ.

2. تشجيع المؤثرين الإيجابيين: عبر تسليط الضوء على النماذج التي تقدم محتوى مفيدًا ومتزنًا.

3. مشاركة المؤسسات التربوية والإعلامية: يجب أن تستثمر هذه المؤسسات في منصات التواصل لخلق محتوى منافس وجاذب للشباب.

4. المسؤولية القانونية والأخلاقية: من المهم سنّ قوانين واضحة تنظم الإعلان الرقمي وتحمي المستخدمين من الاستغلال أو التضليل.

المؤثرون اليوم هم مرآة للواقع، بل وأحيانًا صانعوه. تأثيرهم على جيل الشباب حقيقي وعميق، وهو مرشح للازدياد لا الانحسار. وبين التهديد والفرصة، يبقى الوعي هو الحصن الوحيد، فبقدر ما يملك الشاب أدوات التفكير النقدي، يصبح أقل عرضة للتأثر السلبي وأكثر قدرة على اختيار من يستحق أن “يؤثر” فيه.

أبرز المؤثرين الشباب في مصر 2025

1. أحمد الغندور (الدحيح) – تبسيط العلوم

يُعد من أبرز صناع المحتوى العلمي في العالم العربي، حيث تجاوزت مشاهدات برنامجه “الدحيح” على يوتيوب 60 مليون مشاهدة، مما يجعله من أكثر البرامج تأثيرًا في تبسيط العلوم. 

2. مروة حسن – الموضة والأزياء

مدونة وخبيرة موضة شهيرة، تقدم محتوى يركز على صيحات الموضة والعناية بالبشرة، ويتابعها أكثر من 2.6 مليون متابع على إنستغرام. 

3. ويجز – الفن والموسيقى

مغني راب مصري، تم اختياره ضمن قائمة فوربس الشرق الأوسط للشباب الأكثر تأثيرًا في مجال الفن والترفيه لعام 2023. 

4. نورهان قنديل – التوعية الصحية

طبيبة ومؤثرة تقدم محتوى توعوي في مجال الصحة والتغذية، وتُعد من أبرز المؤثرين في تقديم محتوى هادف على السوشيال ميديا. 

5. شريف فايد – السفر والمغامرات

مسافر ومصور يقدم محتوى عن رحلاته ومغامراته حول العالم، مما ألهم العديد من الشباب لاكتشاف ثقافات جديدة. 

6. إيمان الإمام – تبسيط العلوم

تقدم محتوى علميا مبسطا على منصات التواصل الاجتماعي، وتهدف إلى جعل العلوم أكثر فهمًا ومتعة للجمهور العام. 

7. سارة الجوهري – التوعية النفسية

تُعد من أبرز المؤثرين في مجال الصحة النفسية، حيث تقدم محتوى يهدف إلى زيادة الوعي بالصحة النفسية وأهمية العناية بها. 

8. مها السعيد – الأمومة والتربية

تقدم محتوى يركز على الأمومة وتربية الأطفال، وتُعد من أبرز المؤثرين في هذا المجال على السوشيال ميديا. 

9. ندى الشبراوي – التجميل والعناية بالبشرة

خبيرة تجميل تقدم نصائح ومراجعات لمنتجات التجميل والعناية بالبشرة، ويتابعها عدد كبير من المهتمين بهذا المجال. 

10. يحيى رضوان – الرياضة واللياقة البدنية

مدرب لياقة بدنية يقدم محتوى تحفيزيا وتمارين رياضية تساعد المتابعين على تحسين لياقتهم البدنية. 

تُظهر هذه القائمة تنوع المجالات التي يبدع فيها الشباب المصري على منصات التواصل الاجتماعي، من تبسيط العلوم والتوعية الصحية إلى الموضة والسفر، مما يعكس التأثير الكبير لهؤلاء المؤثرين على جيل الشباب في مصر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

احدث المواضيع : قلة من الباحثين يمتلكون القدرة على قراءة المجتمع   رحلة الموضة من «الشارلستون» إلى «الباجي والستريت ستايل»   مبادرة «مودة».. دورات تدريبية لتأهيل الشباب المقبلين على الزواج   كل الطرق لا تؤدي إلى روما.. “شبابيك” تكشف أحدث طرق الهجرة غير الشرعية   أنهار الدم.. أحمد مجدي يكشف الحقائق الغائبة عن جحيم الثأر   الدارك ويب.. خفايا القاع المظلم للشبكة العنكبوتية   حكايات الرحيل والعودة.. مشوار العمر بين بساطة القرية وضجيج الغربة