shababik magazine

تحقيق:  فاطمة خالد – عبدالرحمن رمضان

قص الشعر على طريقة “عُرف الديك” أو تقليد نجوم العالم فيما يعرف بحلقة “الباجي بوي”، مع صبغ الشعر بالألوان، ثم ارتداء الليجنز الممزق عند الركبة والبنطلون الضيق “المحزق” أسفل القدم بين الشباب وليس الفتيات فقط كما هو معتاد، فضلا عن الهوس المنتشر لعمل البيرسنج في الأنف والخدود وارتداء “اللينسنز” الحيواني ليس هذا فحسب وإنما القادم هذا العام سيحمل المزيد من الغرائب والطرائف المضحكة والمبكية في نفس الوقت، حيث يبدو شباب الجيل الحالي الذي يطلق عليه جيل  zبلا رقابة أو متابعة أسرية، في حين أصبحوا ضحية سهلة لمشاهير السوشيال ميديا والمؤثرين السلبيين على التيك توك، وأخيرا نجوم الفن والبرامج وكرة القدم العالميين.. المثير والصادم حقا أن تقاليع الشباب في 2024 تتخذ طابعا أكثر غرابة وربما أكثر خطورة أيضا على صحتهم عن تقاليع الأجيال السابقة وهو قامت وهو ما سعينا للتعرف عليه من خلال سطور التحقيق التالي، ليس من باب المقارنة وإنما بغرض رصد التغيرات التي تطرأ على مجتمعنا بصورة ليس لها مثيل.   

حرية شخصية!

لا تحتاج لعناء خاص لرصد التقاليع الجديدة، فلو توقفت لدقائق معدودة أمام أحد صالونات الحلاقة أو الكوافيرات، ستعرف حدود الظاهرة، في البداية سألنا الشاب طارق أحمد، 20 سنة، يدرس بإحدى الأكاديميات الخاصة، حيث يقول: أي موضة جديدة نحب نجربها في قصة الشعر، وعادة ما أخذ صورة القصة على الموبايل وأطلبها من الحلاق الخاص بي، وانا عادة أحب أقلد نجوم الملاعب الأوروبية والسعودية، وخصوصا كريستياتو ونيمار، ونحن كجيل عادة نميل للشعر الطويل أكثر مع قص الجانبين، وهذه الموضة منتشرة منذ سنوات”.

أما عمر محمود، 22 سنة، طالب حاسبات ومعلومات بإحدى الجامعة الخاصة، فكانت إجابته صادمة عندما سألناه عن الموضة ودور الأسرة، حيث قال: “إحنا كجيل شباب بنقلد بعض، والأسرة مالهاش دخل، وأنا حر في طريقة لبسي وقصة شعري، طالما كل الشباب بيعمل كده، وكمان التيك توك مليان متابعين وكلهم بيقلدوا بعض، دي حرية شخصية”.

نيوك لوك

سألنا أحمد حسن، مصفف شعر، وصاحب صالون حلاقة رجالي، حول أغرب التقاليع الشبابية السائدة وأهم أسباب انتشارها، حيث يقول إن أغلب الشباب الذين يحلقون ويصففون شعورهم بطريقة قد تبدو غريبة للبعض يتأثرون بلاعبي كرة القدم المشاهير وخاصة في الدوري الأوروبي والسعودي، خصوصاً النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي يؤثر في معظم الشباب حول العالم بطريقة قوية جدا، فعندما يقوم رونالدو بعمل “نيو لوك” جديد، ويراه الشباب في إحدى المباريات، فإنني ألاحظ أن معظم الشباب يسئلونني عن طريقة عمل قصة الشعر التي ظهر بها، أيضا اللاعب نيمار والذي يظهر أحيانا بصبغة شعر غريبة، فالتقاليع لم تعد تتوقف على طريقة قص الشعر وإنما وصلت إلى الصبغات والألوان الجديدة.

ويضيف حسن أن الشباب من سن 15 سنة حتى 25 سنة هم الأكثر تأثرا بتصفيف شعرهم بطريقة مختلفة، ويبحثون دائمًا عن المظهر المختلف، للفت الأنظار والإعجاب، وأغلب قصات الشعر الجديدة تتمثل في طريقة تسمى “الباجي بوي” والتي تُطبق بتخفيف جانب من الشعر مع التدرج وترك الجانب الآخر طويلا منسدلا بميل على الأذن، وهناك تقاليع أخرى مثل تخفيف الجانبين وترك أعلى الشعر عاليًا، وهناك أيضا قصة الشعر الطويل المجموع بربطة شعر صغيرة مع تخفيف الجوانب، وهناك قصة تناسب الشعر المجعد وتعتمد على تكوين قبعة تحيط بالوجه والرقبة.

ويضيف حسن أن أغرب “قَصة” عندما طلب مني أحد الشباب، أن يحلق له “عرف الديك” مثل اللاعب أرتورو فيدال لاعب برشلونة السابق، وهي قَصة مرعبة حيث يقوم بحلق كامل الرأس زيرو ويترك خطا سميكا من الشعر أعلى الرأس، وكان جميع الشباب يطلبونها، وكما أكدت أن رونالدو هو أكثر الرياضيين تأثيراً في الشباب خلال عملي بالحلاقة.  

شعر لؤلؤي

ومن الشباب إلى الفتيات، التقاليع تأخذ طابعا أكثر حدة، فأثناء السير في شوارع وسط البلد يجذبك مشهد خروج ودخول الفتيات من وإلى إحدى صالونات التجميل التي يزداد الإقبال عليها باقتراب الأعياد والمناسبات، ومع التقدم ببضع خطوات للداخل تجد كل فتاة جالسة على كرسي وفي يدها هاتفها تشير إليه أثناء حديثها مع مصفف الشعر قائلة: “عاوزة الموضة دي”.

الموضة التي تحدثن عنها الفتيات كانت غريبة على الإطلاق فلم تقتصر على تسريحة معينة أو لون جديد ولكنها اختلطت بكل ما هو غربي من تاتو وبيرسنج ولينسز وميكب، حيث تقول ندى أحمد، صاحبة كوافير بالجيزة، إن ٩٠% من الفتيات اللائي يأتين إليها يطلبن موضة اللون الأبيض اللؤلؤي والأشقر لشعرهن.

وتضيف: العناية بالشعر الأبيض اللؤلؤي تتطلب قدرًا كبيرًا من التفكير، لضمان بقاء لون البشرة فاتحًا ومشرقًا، وهو ما يعد تحدياً أمام مصففات الشعر، ولكن المشكلة الأكبر تكمن في موضة الحواجب والتي تكون فيها الحواجب عريضة وشديدة الارتفاع، وهو ما اعتبره الكثيرون “موضة غريبة” و”غير طبيعية”.

وتضيف ندى إن السيدات والفتيات دائما، تبحثن عن كل ما يخصّ الجمال والأناقة، سواء كان مرتبطا بالبشرة أو الشعر أو الموضة، ومن ضمن ما تبحث عنه موضة “طلاء الأظافر”، حيث يطلبن عمل أظافر زرقاء لامعة، وهو ما يطلق عليه “لون بانتون”، بالإضافة إلى أن الأظافر القصيرة، عادت من جديد وعاد الشكل المربع، وهو شكل يجمع بين الأظافر المربعة والبيضاوية.

اللينسيز والبيرسنج

وفي كل عام نجد “تقاليع” جديدة وموضة غير متوقعة في العدسات اللاصقة “اللينسيز” والتي جاءت هذا العام على شكل حيوانات، إذ تصف يارا محمد، ٢٢ سنة، طالبة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، عدساتها اللاصقة الجديدة والتي كانت على شكل حيوان، لافتة إلى أن ذلك من أجل الفكاهة والتغيير لأن الفتيات اعتدن على العدسات العادية.

ومن “تقاليع” العدسات إلى “تقاليع” البيرسنج، حيث لا نجد اختلافًا كبيرا، وتماشيا مع موضة “الإكسسوارات” ظهر “البيرسينج”، وهو ثقب بالجسد يتم وضع مجوهرات و”حلقات” وأدوات الزينة به، وكان أول ظهور له لإبراز جمال الأذن من خلال وضع أكثر من “حلق” مناسب لشكل الأذن، ولكن تعددت الأشكال وأماكن وضع “الحلقان”.

وتؤكد مايان عبدالله، ١٩ سنة، أنها قامت بعمل “بيرسنج الخدود”، منذ ٣ أشهر، ولم تكن هذه المرة الأولى لها إذ أجرته في أذنيها وأنفها والآن أصبح بـ”خدودها”، الأمر الذي أثار غضب والديها والمجتمع من حولها.

تحذيرات طبية

لكن هذه الألوان من الموضة لا يجب أن تمر مرور الكرام، خاصة وأنه ثبت أن لها أضرار خطيرة وكثيرة، حيث يقول استشاري الأمراض الجلدية، الدكتور طارق جنيدي، إن “البيرسينج” الذي تستخدمه الفتيات كنوع من أنواع الموضة، مضرّ بالبشرة، حيث وجدنا أنواعا كثيرة منه، في الفترة الأخيرة، وفي عدة مناطق في الجسم.

وأوضح أن طريقة وضع واستخدام البيرسينج قد تسبب إصابة الجلد بحساسية شديدة وتقرحات، فضلا عن تكون البكتيريا والفطريات التي تهدد بإصابة الفتيات بسرطان الجلد، محذراً من الاستخدام المفرط  لـ”البيرسينج”، خصوصا على الطبقات الرقيقة بالجلد، مثل: “الخد” و”الحاجب” و”الشفاه” و”اللسان”، بسبب تكون البكتيريا فيها بشكل أسهل وأسرع من غيرها، من المناطق.

النوتيلا وكريم الأساس

وفي نفس الوقت ظهرت موضة جديدة باستخدام النوتيلا على البشرة كبديل لـ“كريم الأساس”، والذي يتم استخدامه في مستحضرات التجميل، والسبب في هذه الموضة أن بعض الفتيات اللائي يتميزن بالبشرة السمراء يشجعن صديقاتهن على استخدام النوتيلا لتعطي للبشرة اللون الأسمر الفاتح!

في هذا الإطار، تشير روجينا حسن، طالبة بكلية العلاج الطبيعي، بجامعة 6 أكتوبر، إنها رأت بعض الفيديوهات على تيك توك، والتي يتم فيها استخدام النوتيلا، وحاولت أن تجربها إلا أنها لم تحصل على أي نتيجة إيجابية أو سلبية، مضيفة: “النوتيلا وغيرها عبارة عن تقاليع جديدة تظهر من حين لآخر على اليوتيوب أو السوشيال ميديا عموما، وللأسف بعض الفتيات ينجذبن لهذه التقاليع ويجربنها بالفعل، وعادة ما تظهر هذه التقاليع وتختفي فجأة”.

مجتمع شرقي ولكن

تقول الدكتورة سامية خضر صالح، إحدى أبرز علماء الاجتماع في مصر، إن هذه التقاليع الجديدة التي تظهر في أوساط الشباب يجب أن ترتبط بقدر من الحدود والمسؤولية لأننا نعيش في مجتمع شرقي تحكمه قواعد ومثل ومبادئ وليس مجتمعا مفتوحا نفعل فيه ما نشاء، وفي ضوء ذلك هناك أطراف مسئولون عن انتشار هذه التقاليع بين الشباب، وعلى سبيل المثال الدراما في مصر مسئولة بشكل كبير عن هذه الظاهرة، فنحن شاهدنا مسلسل “العتاولة” والذي يقوم بتمثيله العديد من النجوم الذين لهم دور في التأثير على هذا الجيل، وبالتالي طبيعي جدا يتأثر الشباب بطريقة “قصة الشعر” لبعض النجوم، وطريقة اللبس أيضا، فضلا عن ترديد العديد من الكلمات والألفاظ الدخيلة على المجتمع المصري والتي تعكس أحيانا حالة من حالات هبوط الذوق.

وتؤكد “خضر” أن التقاليع في الماضي كانت ترتبط برموز لهم قيمة وكانت تقاليعهم إلى حد ما مقبولة، لكن الآن المسألة اختلفت حيث يقلد الشباب نجوم كرة القدم والفنانين والمؤثرين على السوشيال ميديا، وتظل المشكلة الكبرى في مستوى وعي هذا الجيل، فنحن نتحدث عن شباب صغار السن، وغير واعين أو مدركين لخصوصية المجتمع، فهم يرون هذه التقاليع مباحة ومقبولة عبر شاشات التليفزيون أو السوشيال ميديا، وبالتالي كيف تكون عيباً أو حراما؟، وهنا يأتي دور الأسرة، فهي التي يجب أن تقوم بدور الرقيب الذي يقوم بتوعية أبنائه في كل الأوقات، وبالتالي يجب على الآباء والأمهات مراقبة ومحاسبة أبنائم وبناتهم، ومنع تسلل هذه التقاليع إلى الأبناء، حتى يكتسب الشباب شخصية مستقلة، ويكونوا قادرين على التمييز بين الجيد والرديء.  

المؤثرون

أما الدكتور هالة منصور، أستاذة علم الاجتماع بجامعة بنها، فترى أن السبب في انتشار التقاليع الغريبة في المظهر أو طريقة اللبس أو أسلوب التحدث مع الآخري يرجع بصورة أساسية إلى هوس التقليد والبحث عن التفرد أو التميز أو الاختلاف، حيث يبحث الشباب عن هذه النماذج ليكونوا أكثر جاذبية ومن أجل لفت النظر أيضا، وهذا ما نلاحظه عندما يستخدمون بعض الكلمات المبتذلة، أو بعض قصات الشعر الشاذة والغريبة، أو ارتداء الملابس “المقطعة”. والسبب الثاني في رأيي يرجع إلى التأثر ببعض المشاهير مثل لاعبي كرة القدم المحليين والعالميين خاصة الدوري الأوروبي، أو بعض المطربين الشعبيين ممن يطلق عليهم مطربي المهرجانات، وبالتالي يحاول الشباب تقليدهم.

وتضيف “منصور” أن أهم أسباب تأثر الشباب بالنماذج السلبية، غياب دور الأسرة من ناحية التربية، وتأثير السوشيال ميديا بصورة مذهلة وخاصة التيك توك والمؤثرين على اليوتيوب وهكذا، وعدم الشعور بالقيمة الثقافية والاجتماعية وعدم احترام التقاليد، حيث لم تعد قيم مثل العيب تحظى باحترام بين صغار السن، فهناك حالة من الانفتاح الكامل على الثقافات الوافدة، ومع الأسف بعض وسائل الإعلام والدراما والسوشيال ميديا تقوم بهذا الدور، ولذلك فإن الجيل الجديد أو من يطلق عليه جيل z يواجه طوفان من التغيرات الثقافية والقيمية الحادة، وهنا ينبع دور الأسرة في توفير الحماية والمراقبة والمتابعة المستمرة.

تقاليع جيل التسعينيات

خلال حقبة التسعينيات، تأثر الشباب بالفنان الراحل أحمد زكي في فيلم كابوريا بقصة شعر غريبة وقتها، حتى سارع الشباب إلى تقليدها، واتضح أن هذه “القصة” كانت سائدة في الماضي وكان يطلق عليه “القصة الإنجليزي” بينما تعود قصة شعر أحمد زكي في الفيلم إلى بطل الملاكمة الأمريكي تايسون والذي أول من اشتهر بها بعدما أدخل عليها بعض التحسينات! .. الطريف أنها لم تكن قصة شعر شاذة أو مرفوضة اجتماعيا وإنما كانت طريقة حلاقة جيدة لأنها تجعل الشعر قصيرا ومهذبا وتمنح صاحبها مظهرا رجوليا، مقارنة بموضات أخرى في هذا الزمن، ومن التقاليع أيضا “طريقة القصة الروسي” حيث يتم إرجاع الشعر للخلف في مستوى واحد فيبدو كالفرشاة، ورغم أن بعض هذه التقاليع كانت جيدة، إلا أن بعض المدرسين والآباء كانوا يرفضونها تماما.

ومن قصات الشعر إلى الأزياء، فكان من أغرب التقاليع وقتها موضة ارتداء التي شيرت تحت القميص مع ترك أزرار القميص مفتوحة، أو تي شيرت بحمالات فوق آخر بنصف كم!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

احدث المواضيع : قلة من الباحثين يمتلكون القدرة على قراءة المجتمع   رحلة الموضة من «الشارلستون» إلى «الباجي والستريت ستايل»   مبادرة «مودة».. دورات تدريبية لتأهيل الشباب المقبلين على الزواج   كل الطرق لا تؤدي إلى روما.. “شبابيك” تكشف أحدث طرق الهجرة غير الشرعية   أنهار الدم.. أحمد مجدي يكشف الحقائق الغائبة عن جحيم الثأر   الدارك ويب.. خفايا القاع المظلم للشبكة العنكبوتية   حكايات الرحيل والعودة.. مشوار العمر بين بساطة القرية وضجيج الغربة