تحقيق: فرح أحمد – فرح شوقي
الزواج في الماضي كان يتم عن طريق “الخاطبة” التقليدية، والتي كانت تلعب دورًا محوريًا في توفيق “رأسين في الحلال”، معتمدةً على شبكة علاقاتها وخبرتها ومعرفتها بالعائلات والأسر. لكن اليوم، ومع تسارع التكنولوجيا وتحول الكثير من نواحي الحياة إلى الفضاء الرقمي، ظهرت وسيلة عصرية للتعارف والباحثين عن شريك الحياة وهي “الخاطبة الإلكترونية”.. التقرير التالي يكشف عن دور تطبيقات الزواج في القيام بهذا الدور.
تُعرف “الخاطبة الإلكترونية” بأنها منصات رقمية أو أفراد يستخدمون التطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي للتوفيق بين الباحثين عن الزواج، في ظل تعقيدات الحياة العصرية وتراجع العلاقات الاجتماعية المباشرة. وقد ازدهرت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة، خصوصًا في المجتمعات المحافظة التي لا تزال تتمسك بالزواج التقليدي، لكنها باتت أكثر انفتاحًا على الوسائل الحديثة لتحقيقه.
في الماضي، كانت الخاطبة تطرق أبواب البيوت حاملةً صور الفتيات، أما اليوم، فقد انتقلت هذه المهمة إلى منصات رقمية مثل تطبيقات الزواج المتخصصة، أو حتى حسابات على إنستغرام وتويتر وسناب شات، تديرها “خاطبات” محترفات. وتوفر هذه المنصات مساحة آمنة وسرية للمستخدمين للتعبير عن رغباتهم وتحديد صفات شريك الحياة المناسب.
تمثل “الخاطبة الإلكترونية” فرصة حقيقية لشباب اليوم، خاصة من يعانون من ضيق الوقت أو محدودية العلاقات الاجتماعية. كما تسهم في كسر حواجز الخجل والعادات، وتفتح المجال أمام زيجات قائمة على الاختيار الواعي.
لكن هذا التطور لا يخلو من التحديات، فبعض المنصات تفتقر إلى الرقابة، ما يفتح الباب أمام محاولات احتيال أو استغلال. كما يشير مختصون إلى الحاجة لوضع ضوابط واضحة تضمن الجدية وتحفظ الخصوصية في ظل حساسية موضوع الزواج.
ويرى خبراء علم الاجتماع أن الخاطبة الإلكترونية ليست خروجًا عن التقاليد بقدر ما هي امتداد طبيعي لها في ثوب عصري.
وتتيح تطبيقات الزواج للمستخدمين إنشاء ملفات شخصية، والبحث عن شركاء محتملين بناءً على اهتمامات أو خلفيات أو أهداف مشتركة. بعض هذه التطبيقات يركز على الزواج فقط، بينما يتيح البعض الآخر التعارف العام. وأشهر التطبيقات المستخدمة في العالم العربي: مواقع مخصصة للزواج مثل: “مودة”، “زفاف”، و”أنا وأنت”، وتطبيقات عامة مثل “Tinder”، “Bumble”، و”OkCupid” ورغم أنها لا تستهدف بالضرورة الزواج، إلا أن الكثير يستخدمها لهذا الغرض.
وتسهم هذه التطبيقات في تسهيل اللقاء بين أشخاص من خلفيات متقاربة، وإتاحة مساحة للتواصل قبل اتخاذ قرار الارتباط، لكن من أبرز سلبياتها تحويل العلاقات إلى “سوق إلكتروني” يخضع للعرض والطلب، وتهديد بعض القيم الثقافية والدينية، خاصة مع التطبيقات غير المخصصة للزواج.
والحقيقة أن هذه التطبيقات قد تكون وسيلة فعالة إذا استخدمت بوعي ونضج، لكنها تتحول إلى أداة ضارة إذا غابت الرقابة الذاتية. أما علماء الدين فيحذرون من التطبيقات التي تفتح المجال لعلاقات عشوائية أو غير جادة، ورغم ما تتيحه تطبيقات الزواج والتعارف من فرص، يبقى نجاحها رهينًا بنضج مستخدميها ووضوح نواياهم. إنها أداة عصرية في يد جيل رقمي، لكن فاعليتها لا تُقاس بالتقنية وحدها، بل بمدى التزام المستخدمين بالقيم التي تحكم العلاقات الإنسانية.