shababik magazine

چودي شريف

يُعد العنف الأسري من أخطر الظواهر الاجتماعية التي تهدد سلامة الأفراد واستقرار المجتمع، لأنه لا يؤثر فقط على الشخص الذي يتعرض له سواء كان الزوج أو الزوجة، بل يمتد أثره إلى الأسرة بالكامل، وخاصة الأطفال.

وفي رأيي، فإن هذا النوع من العنف، سواء كان جسديًا أو نفسيًا أو لفظيًا، هو تصرف غير مقبول على الإطلاق، لأنه يهدم الإنسان من الداخل، ويدمر مشاعره وثقته بنفسه، ويخلق بيئة غير آمنة للحياة داخل الأسرة الواحدة التي كان يجب أن تظل كيانا قوياً ومتماسكاً.

العنف داخل الأسرة لا يجب أن يُنظر إليه على أنه “أمر عادي” أو “شأن داخلي” كما يعتقد البعض. الطفل الذي يشاهد أو يتعرض لعنف داخل منزله، يتأثر بذلك بشكل عميق، وهذا التأثير قد يرافقه طوال حياته.

في كثير من الحالات، يتحول الطفل الذي يتعرض للعنف، إلى شخص عنيف في المستقبل، ويعيد نفس السلوك مع أولاده أو في علاقاته، وكأن العنف أصبح وراثيًا أو سلوكًا مكتسبًا من البيت.

وهكذا، تستمر دائرة العنف في الانتشار من جيل إلى آخر.

من وجهة نظري، الحل يبدأ من التوعية. يجب أن نكسر حاجز الصمت المحيط بظاهرة العنف الأسري، وأن نعترف بوجود المشكلة أولًا، ثم نتحرك لعلاجها.

أعتقد أنه من المهم جدًا أن تكون هناك جلسات توعية للأسر في كل منطقة أو حي، سواء في مراكز الشباب أو في المؤسسات الصحية أو حتى في الجمعيات الأهلية. هذه الجلسات يجب أن تكون موجهة للأمهات والآباء، لتعليمهم أساليب التربية الإيجابية، وكيفية التعامل مع الضغوط، وكيفية التواصل مع أطفالهم بدون استخدام العنف.

كذلك، أرى أن المدرسة يجب أن يكون لها دور أساسي في هذا الموضوع. من الضروري أن يكون هناك نظام داخل كل مدرسة يسمح للطفل الذي يتعرض للعنف في المنزل أن يبلغ عن ذلك بطريقة آمنة وسرية. وجود أخصائيين اجتماعيين ونفسيين في المدارس يمكن أن يساعد في التدخل السريع والتواصل مع الأسرة لحل المشكلة، قبل أن تتفاقم وتتحول إلى كارثة.

إن الأزواج يجب أن يدركوا أن الأطفال يدفعون ثمناً باهظاً بسبب العنف الأسري، حيث يتأثرون نفسياً واجتماعياً بدرجة كبيرة.

العنف الأسري لا يمكن أن يكون وسيلة للتربية أو وسيلة لحل الخلافات بين الزوجين أو بين أي طرفين في الأسرة. فالتربية السليمة تقوم على الحب والاحترام والتفاهم، وليس على التخويف والإهانة.

إن الأطفال الذين ينشأون في بيئة يسودها الحوار والدعم العاطفي يصبحون أشخاصًا أسوياء، قادرين على مواجهة الحياة بثقة وقوة.

وفي النهاية، إذا أردنا مجتمعًا سليمًا، علينا أن نحمي أطفالنا أولًا. يجب أن نحارب العنف الأسري بكل الطرق الممكنة، لأنه بداية لكل مشكلة أكبر: من الانحراف إلى الإدمان، ومن الاضطراب النفسي إلى التفكك الأسري. التغيير يبدأ من الأسرة، ومن حق كل طفل أن يعيش في بيت آمن، خالٍ من الخوف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

احدث المواضيع : قلة من الباحثين يمتلكون القدرة على قراءة المجتمع   رحلة الموضة من «الشارلستون» إلى «الباجي والستريت ستايل»   مبادرة «مودة».. دورات تدريبية لتأهيل الشباب المقبلين على الزواج   كل الطرق لا تؤدي إلى روما.. “شبابيك” تكشف أحدث طرق الهجرة غير الشرعية   أنهار الدم.. أحمد مجدي يكشف الحقائق الغائبة عن جحيم الثأر   الدارك ويب.. خفايا القاع المظلم للشبكة العنكبوتية   حكايات الرحيل والعودة.. مشوار العمر بين بساطة القرية وضجيج الغربة