shababik magazine

رضوى صبحي

أوقات كتير وأنا ماشية في الشارع، بشوف طفل صغير نايم على الرصيف أو بيبيع مناديل في إشارات المرور. يمكن في الأول كنت بتأثر، بعدين بقيت أعدي بسرعة، وبعدين اكتشفت إني بدأت “أتعود”. ودي أكتر حاجة مضايقاني.

لما المنظر يبقى طبيعي، والمشكلة ما تبقاش غريبة علينا، نبتدي نحس إن “كده عادي”، مع إنه مش عادي خالص. يعني إحنا بنتكلم عن أطفال، المفروض في سنهم ده يكونوا في حضن أهلهم، بيلعبوا، بيذاكروا، عندهم سرير يناموا عليه وحد يطبطب عليهم، مش عايشين في الشارع لوحدهم.

أنا مش خبيرة علشان أقول كلام كبير أو أطرح مشروع قومي، بس كإنسانة بتشوف اللي بيحصل، عندي شوية ملاحظات وآراء يمكن تكون بداية لحل.

أول حاجة، لازم نفهم إن طفل الشارع مش دايمًا “يتيم” أو “مش لاقي حد”. ساعات بيكون عنده أهل، بس بيهرب منهم بسبب الإهمال أو العنف أوالظروف الصعبة. وهنا ييجي أول دور حقيقي: دور الأسرة.

أنا شايفة إن دور الأهل مهم جدًا. لو كل بيت احتوى أولاده، وفهم احتياجاتهم، وسمعهم بدل ما يزعق لهم أو يعاقبهم على كل غلطة، كان كتيرمن الأطفال دول لسه في بيوتهم.

المشكلة ساعات بتبدأ من البيت، لما الطفل يحس إنه مرفوض أو مش محبوب أو حتى مش مسموع.

تاني حاجة، إحنا كمجتمع لازم نبدأ نكون أكتر وعياً. مش شرط ندي فلوس لكل طفل في الشارع، بس نقدر نسأل نفسنا: “هل فيه جمعيات محترمة ممكن أتواصل معاها لما ألاقي طفل محتاج؟” فيه ناس بتشتغل في المجال ده فعلًا وبتساعد، بس محتاجين دعمنا، حتى لو بمعلومة أو مشاركة أو مجهود صغير.

من الحلول اللي شايفة إنها منطقية وممكن تتطبق ببساطة، هي إن كل حي أو منطقة يكون فيها مكان صغير آمن مخصص للأطفال اللي مالهمش مأوى. مكان يوفر لهم أكل ونضافة وتعليم بسيط أو حتى حِرفة يتعلموها. مش لازم يكون حاجة ضخمة، بس على الأقل يكون بداية.

كمان لازم يكون فيه توعية أكتر في المدارس والأماكن العامة عن خطورة إن طفل يسيب بيته، وعن إن فيه بدائل. أوقات الطفل بيمشي لأنه فاكر الشارع أحسن، وهو مش مدرك حجم الخطر اللي مستنيه.

التوعية مش لازم تبقى محاضرات، ممكن تكون أفلام، ورش، أو حتى مسرحيات توصل الرسالة بشكل بسيط.

وأنا مؤمنة كمان إن أي حد يقدر يساعد، مش لازم بفلوس. فيه ناس تقدرتعلم طفل يقرأ ويكتب، أو تدربه على شغل بسيط، أو حتى تتعامل معاه باحترام بدل ما تبص له بخوف أو استعلاء.

لما الطفل يحس إن فيه حد شايفه، وبيتعامَل معاه كإنسان مش مشكلة، ده لوحده ممكن يفرق في نفسيته.

وبعدين، فيه نقطة مهمة: بدل ما نقول “أطفال الشوارع خطر”، لازم نفكر هم ليه بقوا كده. مش معنى إن فيه طفل سرق أو اتخانق أو بيزعج الناس إنه اتولد كده. لا، دي نتيجة سنين من الإهمال، من كل الناس، من كل الجهات. فبدل ما نحكم، نحاول نفهم.

في الآخر، ده مش مقال بيدور حوالين مين غلطان، ولا مين المفروض يتحاسب. ده مجرد كلام من حد بيفكر بصوت عالي، وبيتمنى نشوف الشوارع أقل طفل فيها نايم على الأرض.

مش علشان نحس بالراحة، لكن علشان كل طفل فعلاً يستحق مكان آمن يعيش فيه، ويتعلم، ويبقى عنده فرصة حقيقية زي أي طفل تاني.

ولو مش قادر تساعد، على الأقل ما تكونش جزء من التجاهل. لأن أوقات السكوت، حتى لو من غير قصد، بيزود المشكلة أكتر ما بنفتكر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

احدث المواضيع : قلة من الباحثين يمتلكون القدرة على قراءة المجتمع   رحلة الموضة من «الشارلستون» إلى «الباجي والستريت ستايل»   مبادرة «مودة».. دورات تدريبية لتأهيل الشباب المقبلين على الزواج   كل الطرق لا تؤدي إلى روما.. “شبابيك” تكشف أحدث طرق الهجرة غير الشرعية   أنهار الدم.. أحمد مجدي يكشف الحقائق الغائبة عن جحيم الثأر   الدارك ويب.. خفايا القاع المظلم للشبكة العنكبوتية   حكايات الرحيل والعودة.. مشوار العمر بين بساطة القرية وضجيج الغربة